الثلاثاء، 17 مارس 2020

سوريا أمام العالم

سوريا حبيبتنا 

لقد اثبتت سوريا خلال الفترة الاخيرة أنها ليست كغيرها من دول العرب التي تأثرت ب"الربيع العربي"
وإنها وفق الاعتبارات المستجدة على المنطقة الشرق اوسطية ,قد فاجأت اميركا وإتباعها الذين عملوا جاهدين على اسقاط النظام الحالي, بشتى الوسائل طيلة  الاربعة سنوات السابقة , بصمودها امام الظلامية ورفضها لإزاحتها عن موقعها الوطني والعروبي ,كما حافظت على بقائها مصدر الاشعاع الاولللأمة,وبوابة الانفتاح على الحضارة العالمية.
الاعتبار الثاني:
انها اصرت على بقائها الى جانب العراق ومصر كمركز لتقاطع المصالح الاقليمية والإستراتيجية الدولية ,عندما اقامت تحالفات ناجحة وموفقة ,اقلقت الدوائر الغربية وإسرائيل
والاعتبار الثالث :
ان سوريا اصبحت الان تشكل "سكين خاصرة " "لجارتهاإسرائيل" - كما يقول المثل العراقي ...وذلك بالتفاف "قوات حزب الله" مع مجاميع من المقاومة الفلسطينية من خلال جنوب لبنان تطبق على شمال "اسرائيل " ويليه اطباق قوات المقاومة الفلسطينية في غزة على جنوبها.
وطبيعي ان يكون هذا الامر غير مناسب"لإسرائيل" ولا يخدم أمنها , الذي ظلت تسعى لتحقيقه طيلة وجودها على ارض فلسطين منذ سنة 1948 , وخصوصا عندما تريد "اسرائيل " مهاجمة ايران اذا شعرت بان ايران – الدولة الاسلامية – ستمتلك القوة النووية .
"فإسرائيل" ما انفكت تعتبر ايران عدوها الاول كما صرح بذلك "السيد كيسنجر"وزير خارجية الولايات المتحدة الاسبق .
فكيف "لإسرائيل"  ان تهاجم ايران وهي في حضن حلفاء ايران .
اذا ستبدا"اسرائيل"  بضرب "ذيل الافعى " كما عبر عن ذلك "السيد نتنياهو"
الذي هو الان رئيس وزراء "اسرائيل" ,فعندما سئلمن قبل احد الصحفيين :لماذا لا تبدأون بالرأس ؟ أجاب بالقول:
ان هذا تكتيكنا.

والاعتبار الرابع:
ان الذي أظهر حقيقة الصراع الدائر على الساحة بين المعسكرين الشرقي والغربي , ممثلين بروسيا وأميركا بأنه صراع على الغاز, سواء كان بصورة غير مباشرة أو بالوكالة , بعد ان كان صراعا على النفط  ابان الحرب الباردة .وأظهر كذلك ان "اصدقائنا " الامريكان يرغبون بتمديد خطوط لأنابيب الغاز ينافسونبها روسيا التي تصدر الغاز الى اوربا منذ زمن طويل.
وفي نية الامريكان اقامة خطين ... احدهما :
يخرج من العراق – وهذا سبب من الاسباب التي جعلتهم يحتلون العراق – ويذهب هذا الخط الى اوربا عبر تركيا - وهذا الخط  مؤجل العمل به ألان.
والخط الاخر الذي قام عليه الخلاف.  فأقام الدنيا وأقعدها بعد ان كانت الامور هادئة والعلاقات السورية الامريكية طبيعية  ,  يزمع الخروج بهذا الخط من " قطر"  و" السعودية " , والذهاب به الى اوربا عبر سوريا وتركيا.
ومن هنا جاء اصرار الامريكان وتابعيهم على تبديل نظام الحكم في سورية وإبداله بنظام موال لهم , فقد اصبحت سوريا   "حجر عثرة " في تمديد هذا الخط .
وليتم تحجيم روسيا والتحكم بأوربا من قبل تركيا والأمريكان بواسطة هذا الخط , فانه سيتم ذلك بعد ان تستعيض اوربا عن الغاز الروسي بالغاز الامريكي الوارد من قطر والسعودية (سيكون الانبوب ملكا لمن يتحكم به, وليس للذي يأخذ عنه عائدات بائسة) لانهم سيعطلون خط الغاز الروسي بالطلب من اوربا عدم أخذ الغاز الروسي , وعند ذلك يمسي الخط الروسي فارغا الامن القليل من الشحنات ستبقيها امريكا لغرض ابتزاز الروس , كما ابتزتهم سابقا خلال الازمة التي مروا بها بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي.
وبعد وصول روسيا الى حافة الافلاس -  بخفضهم لاسعار البترول مرة اخرى , فقد كان الخفض الحالي هو "بروفة" او مناورة يقوم بها الامريكان ليعرفوا مدى مقدرتهم على هذا الفعل - عند ذألك لا يستطيع الروس اللحاق بالركب الحضاري بتأخرهم عن تطور سلاحهم بينما يتقدمهم الامريكان بأشواط .
ان روسيا كانت ما قبل الازمة السورية لاشأن لها بمنطقة الشرق الاوسط تقريبا...فمنذ كان الرئيسان "غورباتشوف" و"يلتسين" على التعاقب, لا يأبهان  بقضية العرب المركزية . فكانا لا يتعاملان معها بموضوعية وتعٌقّل , حتى انهما لم يعملا باعتباراتالمسؤولية التاريخية التي كانت تخص شعوبهم .
لكن بعد مجيء "الرئيس بوتين" فقد تغيركل شي بفضل تمتع الرئيس الجديد بخلفية سياسية وضعت بلاده في موقع سياسي واقتصادي وعسكري ممتاز .
فقد انتبه الى حجم المؤامرة التي كانت تحاك ضد روسيا حين جعلوا للروس خياران لا ثالث لهما:

فأما التراجع فتتحول روسيا الى دولة اقليمية ,لاشان لها باي محفل دولي . او التقدم ,فيجعل هذا التقدم الروس ندّا للأمريكان .فسارع الروس بفضل العقلية المخابراتية التي يتمتع بها  "بوتين" الى وضع بيضهم كله في سلة سوريا ,السلة الوحيدة التي بقيت في المنطقة يمكنهم وضع بيضهم فيها.                                         فبعد ان تجد اوربا أن لاغاز الاعند الامريكان ,فان اوربالا يمكنها  ان تستغني عن الغاز, والدولة التي تستعيض عنه ستجد نفسها تخلفت عن الركب الحضاري بعودتها الى الوراء باستعمالها للحطب ,او ستموت من البرد .
وبعد ذلك سيأتي دور استنزاف اموال دول الخليج الذي هلّت تباشيره منذ الان من خلال عقود السلاح الضخمة التي يعقدون صفقاتها لمواجهة الاعداء الجدد الذين خلقتهم لهم امريكا وعليهم محاربتهم قبل محاربة "اسرائيل" ...فمحاربة "اسرائيل" يمكن تأجيلها ,وبعد ذلك لن يكون هناك حربا مع "اسرائيل" لانهم سوف لايقدرون على مقاتلتها بتلك الاسلحة.لان اسلحة "اسرائيل" اكثر تطورا , ولايمكن مجاراتها بخزائن فارغة ... وعند  ذلك لن تقدر لا روسيا ولا الصين ولا اية دولة شرقية الوقوف امام الامريكان , الا اذا أفشلت هذه المخططات  على الارض , و اليوم قبل الغد